الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة "على كفّ عفريت" لكوثر بن هنية: أو عندما تدان المرأة المغتصَبة مسبقا

نشر في  14 نوفمبر 2017  (10:41)

بعد "شلاط تونس" فيلمها الطويل الأول، الذي مزجت فيه بين الواقع والخيال وسردت بالاستعانة على خيالها السينمائي والكاميرا ، قصة الشاب الذي كان يعتدي على مؤخرات النساء بنصل حاد، وبعد "زينب تكره الثلج" الفيلم المتوج بالتانيت الذهبي في الدورة 27 لأيام قرطاج السينمائية، عادت المخرجة كوثر بن هنية هذه السنة بـ " على كف عفريت" الفيلم الروائي الثالث في مسيرتها السينمائية، ولئن تحصلت كوثر على جائزة الاتحاد العام التونسي للشغل لأحسن سيناريو، فان "على كف عفريت" لم ينل نصيبا من جوائز الدورة 28 لأيام قرطاج السينمائية هذه السنة على عكس ما توقعه فريق العمل . .

"على كف عفريت" عمل سينمائي حاكت فيه كوثر بن هنية الواقع بالخيال، حيث استمدت أحداثه من قصة واقعية جدت في 3 سبتمبر 2012، والمتمثلة في اغتصاب فتاة من قبل عوني أمن بمنطقة عين زغوان.

الفيلم من بطولة مريم الفرجاني وغانم الزرلي وأنيسة داود والفقيد محمد العكاري، تنطلق احداثه بحفل راقص لمجموعة من الطلبة، حيث تتعرف مريم على يوسف وتعبر له عن اعجابها به، وتدعوه الى نزهة على الشاطئ، ودون سقوط في المباشرتية، تتطرق كوثر بن هنية الى عملية اغتصاب مريم من قبل عوني امن، وتكتفي بتسليط اضواء الكاميرا على الحالة النفسية للفتاة اثر عملية اغتصابها وانهيارها، في الاثناء يحثها صديقها يوسف على تقديم شكوى، لتنطلق رحلة عذاب مريم مع نظرة المجتمع القاسية، فلا ترحمها النظرات التي تغتصبها عديد المرات ولا أعوان الأمن الذين يسعون الى حماية زميلهما، وحاولت كوثر بن هنية في هذا العمل التطرق الى الألم النفسي والجسدي الذي تتعرض اليه الفتاة المغتصبة، مبينة مدى فضاعة معاملة هذه الفئة من الفتيات اللاتي لا يجدن الرحمة اثناء رحلة بحثهن عن اثبات حقوقهن، فبين المستشفى العمومي والاجراءات والمعاملة السيئة الى تواطؤ اعوان الامن ومحاولتهم اثناء مريم ودفعها الى التراجع وسحب شكواها، تصور بن هنية مأساة ذات ابعاد متعددة، وتبرز صعوبة دفاع الفتاة المغتصبة عن شرفها خوفا مما قد تتعرض اليه من تشويه ونظرة مجتمع قاس في احكامه، لتبين أن عملية الاغتصاب تصبح ثانوية امام ما تتعرض اليه الفتاة من اهانات وتجريح .

واعتمدت كوثر بن هنية على تقطيع مشاهد الفيلم وتقديمه في شكل اجزاء متقطعة، فتنتقل بنا من عالم الرقص والفرح الى عالم الألم والمعاناة ، وفي ثماني لقطات متتاليات تراوح طولها بين الـ8 والـ18 دقيقة، ينتقل المشاهد مع مريم ويوسف بين المستشفيات ومركز الامن، حيث تنعدم الانسانية، وتفقد مريم الأمل لولا اصرار يوسف او الوجه "الخيّر" في الحياة، الذي يزرع داخل الفتاة قوة الاصرار والدفاع عن النفس ..

وفي مشاهد عنيفة، تتجول كاميرا بن هنية في ردهات مركز الامن وتصور غطرسة اعوان الامن ومحاولة ابتزازهم للضحية وتعنيفها بشتى الطرق، مبرزة تغول المؤسسة البوليسية في فترة ما .

"البلاد على كف عفريت وأنت تحب تشكي؟"، هكذا تلخص كوثر بن هنية فيلمها بكل وضوح ومباشرتية، وتكشف أن ما مرت به البلاد من هزات وصعوبات ساهم وبشكل كبير في غياب مبادئ الانسانية والرحمة .

ولئن نجحت كوثر بن هنية في توثيق حادث هزّ الرأي العام وكان حديث وسائل الاعلام التونسية والاجنبية، فان هذا لا يمنع وجود بعض الهنات خاصة على مستوى اداء الممثلين ونخص بالذكر مريم الفرجاني، حيث جاءت بعض المشاهد ضعيفة جدا اضافة الى كونها لم تتمكن من ايصال احساس الفتاة المغتصبة والمضطهدة، كما ان تعابير وجهها جاءت باهتة وفاقدة لكل تعبير في اكثر من مشهد اضافة الى الاداء المهتز للمغتصبين حيث كان ادائهم اقرب الى الكوميديا منه الى التراجيديا .. 

سناء الماجري